“صالح” والتحالف .. من خذل الآخر..؟
يمنات
عبد الخالق الحود
أصوات أزيز الرصاص ودوي قذائف المدافع والدبابات توقفت في شوارع صنعاء مع توقف أنفاس رئيس اليمن السابق علي عبد الله صالح، رئيس “المؤتمر الشعبي العام”، أكبر حزب سياسي في البلاد.
هدير الطائرات التابعة لـ”التحالف” ما فتئت تعاود قصفها لذات بنك الأهداف منذ 3 سنوات، ضامّة إليها منازل “صالح” التي سوّت أمس أحدها بالأرض. أصوات قذائف مقاتلات “التحالف” التي تلقي أيضاً منشورات بين الضربة والأخرى، أعتاد عليها سكان صنعاء.
و بحسب الأهالي، فقد عادت الحياة إلى طبيعتها في شوارع المدينة، رويداً رويداً، وأظهرت صوراً التقطها مصوّرون هواة لشوارع حَدّة وصخر والحي السياسي، وهي الشوارع التي نالها النصيب الأكبر من حمم المواجهات التي استمرت لأكثر من 6 أيام، أظهرت سيارات وآليات احترقت جرّاء شراسة المعارك بين “أنصار الله” ووحدات قتالية موالية للرئيس صالح مسنودة بغطاء جوي وفّرته طائرات تابعة لـ”لتحالف العربي” الذي تقوده السعودية.
مساندة لم تتمكن من إنقاذ تهاوي أنساق “الحرس الجمهوري” الثلاثة التي شُكّلت كحواجز مانعة دون حياة “صالح”، التي فقدها صبيحة الاثنين المشهود، لتدخل اليمن بعدها فصلاً دراماتيكياً جديداً في آتون صراع، وقائعه ربما ستكون مغايرة تماماً لمرحلة ما قبل مصرع الرجل القوي الذي أجاد طوال فترة حكمه الممتدة لأكثر من 3 عقود، شراء الولاءات وتغيير التحالفات.
و مما لا شك فيه بأن مقتل صالح سيُحدث تغييراً لافتاً على صعيد خارطة التحالفات، وفي كفتَي ميزان القوى على الساحتين السياسية والعسكرية. تغيير سيصب في مصلحة الطرف القادر على فرض معادلات جديدة على الأرض.
“التحالف العربي” الذي بدا أنه تسرّع كثيراً في إعلان دعمه لصالح، تضاعفت جراحاته على الشقين العسكري والسياسي؛ إذ كان بمقدوره تلافي هزيمة سياسية قاسية تلقاها في ساعة حرجة من خلال اتباعه للتقية السياسية، والظهور بمظهر المتابع المتربّص لمصير معركة “حلفاء الانقلاب” كما يطلق عليهما، وفي حال انتصر صالح يكون “التحالف” قد انتصر هو أيضاً بنصر حليفة القديم الجديد؛ وإذا ما تعرّض “صالح” لهزيمة كما حدث بالفعل، يعلن “التحالف” فوزاً معنويّاً بتخلّصه من خصم قوي شارك في حربهم منذ بدء “عاصفة الحزم” في مارس 2015م.
غير أن رهان “التحالف” على إسقاط “أنصار الله” بالصدمة الإعلامية المركّزة، دفعهم لخلع لقب المخلوع عن صالح بين عشية وضحاها، وإلباسه لبوس الثائر والقائد الجديد، لما أطلق عليها الرئيس هادي “مقاومة صنعاء”.
أولويات
و أمام الواقع الجديد الذي ينبئ بوضوح، بتفرّد “أنصار الله” بالقرار باسم صنعاء، بعد تخلّصهم من صالح، الذي كان يشكل عبئاً وطرفا معطلاً بالنسبة إليهم، ومصدراً لأزمات تتالت لابد من حسمها، وهذا ما كان.
هزيمة “التحالف” الجديدة في صنعاء ستدفعه في قادم الأيام إلى مراجعة جردة حسابات الحرب، وإعادة تقييم المعركة وفقاً معادلتَي الربح والخسارة عسكريّاً وإعلامية وسياسياً؛ وفلترة جموع الحلفاء، وتحديد الأهداف والزمان للجيوش الجرارة التابعة لـ”الشرعية” المراوحة مكانها منذ 3 سنوات دون تحقيق نصر يذكر، والتي في حال رفضت تنفيذ المهام الموكلة إليها، يجب اعتبارها “قوات غير صديقة”، بحسب المحلل العسكري ثابت حسين.
من جانبه، موقع “ميدل إيست آي”، نبّه الى أن مساعي مواجهة “الحوثيين” سيصار إلى استكمالها من قبل قاعدة مناصري حزب “المؤتمر”، ممن بقوا في صنعاء، أو من قبل أولئك المنزعجين من مقتل صالح، والممتعضين على نحو متزايد من عدم قدرة جماعة “الحوثي” على الحكم إن أحسن اعداؤهم استغلال ذلك سريعاً.
ميدانياً
أعلن حزب الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، بأن طارق محمد عبد الله صالح، وهو ابن أخ صالح وقائد عسكري كبير، قتل خلال اشتباكات مع “الحوثيين”. ولم يكن مصير طارق معروفاً في أعقاب هجوم شنه الحوثيون في صنعاء ليل الأحد الماضي، وأدّى إلى مقتل الرئيس السابق.
و كان “الحوثيون” وحزب “المؤتمر الشعبي العام” قد أكدوا الاثنين، مقتل علي عبدالله صالح، بعد يوم واحد من إعلانه فضّ الشراكة رسمياً معهم، إثر اشتباكات اندلعت في العاصمة صنعاء.
كما أكدت مصادر صحفية في صنعاء اعتقال عشرات القيادات من حزب “المؤتمر الشعبي” من قبل قوات تابعة لـ”الحوثيين” في عمليات دهم استهدفت منازلهم شاركت فيها عناصر نسائية.
هذا ولا زال جثمان الرئيس السابق علي عبد الله صالح، في قبضة “جماعة الحوثي”، بعد رفض مقرّبين منه استلامه وفقاً لشروط قدّمها “أنصار الله” مقابل تسليمهم الجثمان، بينها امتناعهم عن إقامة سرادق عزاء له ودفنه دون موكب تشييع.
غير أن عبد القدوس الشهاري، نائب مدير الدائرة الإعلامية التابعة للحركة أكد أن جثّة الرئيس صالح، لازالت مسجية في ثلاجة المستشفى. نافياً خبر دفنه سرّا دون إبلاغ أسرته.
و قال الشهاري إن النيابة هي من سوف تقرر موعد دفن صالح، بعد اكتمال التحقيقات. مشيراً إلى أن مطالبات بتسليم الجثة تقدّمت بها منظمات ومؤسسات دوليّة ومحلية، غير أن ذلك بات منوطاً بالجهات القانونية التي ستفتح قريباً ملفاً في مكتب النائب العام، يشمل كل أركان القضيّة.
و بحسب مراقبين، فإن مقتل صالح لا يحمل البتة مؤشرات سلام قريب قد تنهي الحرب في اليمن، بل على العكس من ذلك تماماً.
المصدر: العربي
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا